أسباب انتصار الفكرة
يقول د. مصطفى السباعي رحمه الله:
إنّ صواب الفكرة لا يكون سبباً كافياً
لانتصارها، وصحة المنهج لا تعني وجوب النصر، وطبيعة الحق ليست بالضرورة دليلاً على
التمكين له...
ما لم يصاحب ذلك كله:
- حملة أوفياء
-وقادة أذكياء
- وحراس أيقاظ يؤمنون بمنهجهم ويعملون
صالحاً لأجله.
د. مصطفى السباعي: الفكر والصمود
د. مصطفى السباعي، رحمه الله، كان من
أبرز المفكرين الإسلاميين في القرن العشرين، وقد ترك وراءه تراثًا غنيًا من
الأفكار والرؤى التي تستحق التأمل والتدبر. من بين تلك الأفكار كانت رؤيته حول
أسباب انتصار الفكرة أو المنهج، حيث أشار إلى أن صواب الفكرة أو صحة المنهج لا
يعني بالضرورة الانتصار أو التمكين. بل هناك عوامل أخرى تلعب دورًا حاسمًا في
تحقيق النصر والتمكين، وهذه العوامل تتعلق بالناس الذين يحملون الفكرة ويعملون من
أجلها.
أهمية الحملة الأوفياء
أكد السباعي أن الفكرة الصحيحة تحتاج
إلى حملة أوفياء، أي أشخاص يؤمنون بالفكرة إيمانًا عميقًا وصادقًا. هؤلاء الأشخاص
ليسوا مجرد متابعين أو مؤيدين، بل هم الذين يحملون الفكرة في قلوبهم وعقولهم
ويعملون على نشرها والدفاع عنها بكل إخلاص. إن إخلاص الحملة ووفاءهم للفكرة هو
الذي يضمن لها الاستمرارية والقدرة على مواجهة التحديات.
دور القادة الأذكياء
كما أشار السباعي إلى أن القادة
الأذكياء هم عنصر أساسي في نجاح أي فكرة. القيادة الذكية تعني القدرة على توجيه
الجهود بشكل فعال، واتخاذ القرارات الصائبة في الأوقات المناسبة، والقدرة على
استشراف المستقبل ووضع الاستراتيجيات التي تضمن تحقيق الأهداف. القادة الأذكياء هم
الذين يستطيعون تحويل الفكرة من مجرد نظريات إلى واقع ملموس، وهم الذين يعرفون كيف
يستغلون الفرص ويتجنبون المخاطر.
الحراس الأيقاظ
أما العامل الثالث فهو وجود حراس أيقاظ. هؤلاء الحراس هم الذين يحمون الفكرة من الانحراف أو التحريف، وهم الذين يسهرون على صيانتها والحفاظ على نقائها وسلامتها. إن وجود حراس أيقاظ يعني أن الفكرة ستظل على مسارها الصحيح، ولن تتعرض للتشويه أو الاستغلال من قبل من لا يؤمنون بها أو يسعون لتحقيق مصالحهم الخاصة من خلالها.
العمل الصالح
إلى جانب هذه العوامل الثلاثة، يشدد
السباعي على ضرورة أن يعمل "الحملة" الصالح من أجل فكرتهم. العمل الصالح
هنا لا يعني فقط العمل الجيد أو الفعال، بل يعني العمل الذي يتفق مع قيم الفكرة
وأخلاقها ومبادئها. إن العمل الصالح هو الذي يعطي الفكرة مصداقيتها وقوتها
الأخلاقية، وهو الذي يجعل الناس يثقون بها ويتبعونها.
إن رؤية د. مصطفى السباعي تعكس فهمًا
عميقًا للعوامل التي تؤدي إلى نجاح الأفكار والمناهج. إن صواب الفكرة أو صحة
المنهج لا يكفيان وحدهما لتحقيق النصر، بل يحتاجان إلى حملة أوفياء، وقادة أذكياء،
وحراس أيقاظ، وعمل صالح. هذه العوامل مجتمعة هي التي تصنع الفارق وتجعل من الفكرة
قوة فعالة قادرة على تحقيق أهدافها والتغلب على التحديات.
رحم الله د. مصطفى السباعي، فقد كان بحق
مفكرًا عظيمًا ورائدًا في فهم طبيعة الفكر والعمل من أجل التغيير.