ملخص وفكرة عن كتاب " السرعة والسياسة: من ثورة الشارع إلى
الحق في الدولة للكاتب بول فيريليو "
السرعة والسياسة: فلسفة الحركة في الدولة الحديثة
يُعد كتاب "السرعة والسياسة: من
ثورة الشارع إلى الحق في الدولة" للكاتب بول فيريليو من أهم الأعمال الفلسفية
التي تتناول العلاقة بين السرعة والسياسة في العصر الحديث. يُعرف بول فيريليو بلقب
"فيلسوف السرعة"، وقد دخل هذا المجال الفلسفي عبر بوابة الهندسة
المعمارية والتخطيط العمراني. اهتم فيريليو بالمجال الحضري باعتباره مجالاً
سياسياً بامتياز، ووصل في أبحاثه إلى خلاصة مفادها أن الغرب لم يشهد ثورة سياسية
بقدر ما شهد ثورة في علم السرعة (دورومولوجيا)، ولم يعرف ثورة ديمقراطية وإنما
ثورة في سلطة السرعة (دوروموقراطية).
مفاهيم أساسية
السرعة
يجادل فيريليو بأن السرعة أصبحت قوة
رئيسية تشكل عالمنا وتؤثر على جميع جوانب حياتنا، بما في ذلك السياسة. أصبحت
السرعة قدراً للعالم ومصيره المحتوم، حيث لم يعد هناك تعريف للدولة الحديثة أو
للثورة خارج إطار الحركة والشارع. النزول إلى الشارع أمر ملازم لكل الثورات،
والشارع لا يمكن أن يوجد إلا في المدينة. إن جذور السلطة منغرسة في الشارع، وهو ما
تعبر عنه الشعارات الثورية المتكررة في كل مكان وزمان: "نحن باقون هنا، نحن
مرابطون هنا... سوف نبقى هنا".
التسارع
يشير فيريليو إلى أن السرعة تتزايد
باستمرار، مما يخلق تحديات جديدة للسياسة والمجتمع. الثورة لا تبلغ ذروتها في
مواقع الإنتاج كما كان يعتقد الماركسيون، وإنما في الشارع. لذلك، نجد أن أبواب
المدن وجماركها، والثكنات، والسجون، والملاجئ، وإشارات المرور، ومحطات الاستخلاص،
كلها كوابح تضعها الدولة أمام الحركة والأفكار، أي أمام الثورة.
الاستعمار
يستخدم فيريليو مصطلح
"الاستعمار" لوصف هيمنة السرعة على الزمان والمكان، مما يؤدي إلى تهميش
بعض الفئات الاجتماعية. في تحليله النهائي، يرى فيريليو أن الدولة الحديثة ليست
سوى مدينة Polis وشرطة Police تراقب الحركة. الدولة الحديثة هي في جوهرها جهاز للتحكم في حركة المرور Etat Voirie، حيث أصبح التحكم في حركة
المرور هو هاجس الدولة الأساسي.
أطروحات الكتاب
تُحدد السرعة أشكال السلطة الجديدة
يجادل فيريليو بأن السرعة تُصبح مصدرًا
جديدًا للسلطة، وتُؤدي إلى ظهور أشكال جديدة من الحكم. وصل الأمر بالدولة إلى حد
تربية الناس منذ الصغر على احترام إشارات المرور، إذ أن التحكم في حركة المرور
يعني في النهاية التحكم في "حركة المرور" السياسية
la circulation politique.
تُشكل السرعة هوية الأفراد والمجتمعات
يشير فيريليو إلى أن السرعة تؤثر على
الطريقة التي نفكر بها ونُدرك بها أنفسنا وعالمنا، وتُشكل هوية الأفراد والمجتمعات.
تُخلق السرعة فجوة بين الحاضر والمستقبل
يجادل فيريليو بأن السرعة تؤدي إلى تقلص
الحاضر وتوسيع المستقبل، مما يخلق فجوة بين الاثنين تُصعب على السياسة والمجتمع
التعامل معها.
التأثيرات
- أثرت أفكار فيريليو على العديد من
المفكرين والسياسيين في جميع أنحاء العالم.
- ألهمت أفكاره حركات اجتماعية
وسياسية تسعى إلى إعادة التوازن بين السرعة والعدالة الاجتماعية.
يُعد كتاب "السرعة والسياسة"
عملًا فكريًا هامًا يُقدم نظرة ثاقبة للعلاقة بين السرعة والسياسة في العصر
الحديث. يُقدم فيريليو تحليلًا نقديًا للآثار المترتبة على هيمنة السرعة ويُقدم
أفكارًا حول كيفية التعامل مع التحديات التي تخلقها. من خلال ربط الأفكار السياسية
بالمجال الحضري وإدراك السرعة كعامل حاسم في تشكيل الدولة الحديثة، يقدم فيريليو
رؤية جديدة لفهم العلاقات بين الدولة والمجتمع والثورة. يتضح من خلال هذا التحليل
أن السلطة في الدولة الحديثة لا تُمارَس فقط من خلال المؤسسات التقليدية، بل أيضاً
من خلال التحكم في حركة الأفراد وتنظيم المجال الحضري.
ملاحظة: هذا المختصر هو مجرد لمحة موجزة
عن أفكار فيريليو المعقدة وغنية الدلالات،
يُنصح بقراءة الكتاب كاملاً لفهم أفكاره بشكل أفضل